الأحد، 20 يناير 2013

الرقص على أشلاء الوطن



كنت أعتقد أن المعارضة السودانية هى أسوأ معارضة فى العالم لأنها أدت إلى إسقاط البلاد فى طريق إسقاط الحاكم , 
وظهرت المعارضة المصرية كمنافس عنيد يأبى أن تأتى مصر فى المركز الثانى , فمصر أم الدنيا وأم الحضارات , 
ودائما لها السبق والريادة .
ثورة يناير وحدت المعارضة المصرية لأيام حتى تنحى مبارك , ثم تفرقت شيعا , تمنى كل شيعة نفسها بالحكم , 
فى فترة غاب فيها الزمان والمكان فمنى الجميع نفسه وتهيأ له ولم يتصور نفسه محكوما أبدا.
ولم يستطع البعض أن ينتزع هذه الفكرة من ذهنه , فالله أعلم متى يغيب الزمان والمكان عن مصر مرة أخرى 
حتى تتاح له مثل هذه الفرصة مرة ثانية , فهو أدرى الناس بنفسه أنه لن يصبح حاكما إلا فى غياب الزمان والمكان .
وهكذا قدر لمصر أن يتثاقل عنها أبناؤها فى إسعافها أملا أن ينال أحدهم فضل نهضتها منفردا , 
بل يستكثر أن يسعفها غيره فهداه شيطانه إلى تعطيله .
وعلى درب المعارضة السودانية ظهر مصطلح دول المعارضة فى مصر حتى بات واضحا للعيان أن 
دول المنطقة لها تدخلات وتداخلات من خلال بعض أطياف المعارضة .
وتكرر المشهد فى بداية شهر ديسمبر على اثر ما يعرف بالإعلان الدستورى و الجمعية التأسيسية للدستور
 وأحداث الاتحادية ومحاولات الاستيلاء على القصر الجمهورى , وظهرت دبى كمحرك للاحداث فى مصر , 
وعاودت الحلام ذوى هوى الجلوس على عرش مصر , 
ولكن جاء إقرار الدستور لتهدأ الأوضاع إلى حد ما وتبقى النار تحت الهشيم ,
 وتطل علينا ذكرى ثورة يناير لتأخذ حقها من الاستغلال والتوظيف السياسى الضيق ,
 مرورا بالعديد من الحوادث والطوارئ من مياه أمطار وقطارات وانهيار مبانى , 
فكل شىء يوظف ولا يترك مرور الكرام , حيث لابد من الرقص على أشلاء الوطن دون القيام بدور المعارضة الرئيسى 
وهو طرح البديل للقرار الحكومى , فالرقص أسهل ولو على أشلاء الوطن .

السبت، 12 يناير 2013

دولة الخلافة والاتحاد الأوربى

خطأ فادح أن يعتمد البعض على الدراما والأفلام السينمائية للتعرف على 
الحقائق التاريخية , والخطأ الأكبر أن يستحضر التاريخ للواقع دون 
مراعاة المستجدات والأبعاد الاجتماعية والسياسية المستجدة  .
وعلى سبيل المثال نجد التندر من البعض على فكرة الخلافة , 
ووصل الأمر من البعض أن سماها دولة الهيافة بدلا من دولة الخلافة ,
 والبعض صور الأمر على أن الحملات والفتوحات ستخرج لضم الدول لدولة الخلاف,
وسيجلس الخليفة على عرشه ومن خلفه حملة الهوايات
وعن يمينه الوزراء وعن يساره السفراء وبين يديه الرقص والموسيقى.  
والحقيقة أنها عقول قاصرة تريد أن تشوه الفكرة لغرض فى نفسها ؛
إما كراهة لها أو لمصلحة فى عدم وجودها .
فإذا راجعت دولة الخلافة تاريخيا تجد أنها كانت حكومة مركزية لأقاليم 
تامة تتظلل بدولة الخلافة وتحتمى بمجالها الحيوى , 
وهذا ما يحدث الآن فى الاتحاد الأوربى ,
 فكل الدول مستقلة ذات سيادة تكاتفت وتكتلت فى منظومة موحدة ,
 وحدت العملة وأزالت القوانين المتضادة , وأنشأت برلمان أوربى مشترك ,
 ألغت تأشيرة المرور بين دولها , تحاول توحيد السياسة الخارجية 
وسياسة الدفاع المشترك , ومؤازرة الدول المتعثرة اقتصاديا , 
وتوحيد اتفاقيات الصيد والطيران والزراعة ............... .
أليس هذا ما يعرف عندنا بدولة الخلافة ؟
أيا من تشوه الفكرة كراهة لطالبها رغم صلاحها , 
أسنا اولى بدولة الخلافة من الاتحاد الأوربى ؟ 
لن تخرج جيوش لفرضها على أحد بل سيأتى لها الجميع رغبة فى الفائدة ,
 فشعوب الأرض تتكتل وليس من المنطق أن نظل نتراسل ونحن جيران , 
ليس من المنطق أن أصدّر ما يحتاج إليه أقرب الأقربين ,
 ليس من المنطق أن أشترى من الغرب بضاعة  يعرضها جارى المسلم .
فدولة الخلافة ليست قصرا على المفهوم الدينى فقط بل هى منذ نشأتها 
كانت دولة اقتصاد وتجارة وسياسة وثقافة وحضارة وعلم .
وما يؤلم حقيقى أن نتكلم عن نتكلم عن دولة الخلافة وكأنها العصر الحجرى 
والجمود الفكرى والتخلف والرجعية , فى نفس الوقت الذى تطبق فيه أوربا 
نموذج دولة الخلافة الإسلامية ولكن بدون رأس ظاهر حتى لا تثير 
نعرة الشعوب والجناس الأوربية , وما أسهل أن يطبق هذا فى بلادنا .