وبدون ذكر التفاصيل الكريهة
نجد أنها نتيجة ثلاث دوائر من الفشل :
الأولى فشل المنظومة الدينية فى الإقليم
الثانية فشل منظومة الأسرة
الثالثة فشل منظومة التعليم
فإزهاق الأرواح والتعدى على حرمة شهر الله الحرام يمثل فشل لكل أئمة المساجد , والدعاة داخل الإقليم , حيث فشلوا فى جعل تعاليم الدين تحل محل العصبيات , وجعل تعاليم الدين موجه للسلوك الفردى والجمعى , وأصبحت الخطب والمواعظ فقرات روتينية تسدد فى مواعيدها ومنفصلة عن أحداث الواقع واحتياجاته .
وإذا غاب الدين وجدنا السباب متوفرا , والمخدرات علنية , والسلاح الأبيض
عادى , وأخيرا الأسلحة النارية , وهى الأخرى أصبحت عادى .
فهل يا أهل الدين والدعوة حمل السلاح من الدين , ومن يستعمله من الدين ,
ومنتهك حرمة الله من الدين ؟
لأى إله يصلى ؟
يطعن ويقول الحمد لله
ويترك السلاح الآلى ليصلى العصر ثم يواصل القتل
لأى إله يصلى هؤلاء ؟
يقتل ويعود منتصرا مرددا الله أكبر
وهل انتصر إله القاتل على إله المقتول ؟
وهل هو صراع آله ؟
على كل من شارك فى الطعن أو إطلاق النار أو السب أو التآمر
أو أعان بكلمة أو مساندة ولو بالضمير أن يراجع دينه وربه ,
فأكيد أنه شط , وبينه وبين ربه جفوة خاسر من لم يعلم مدى اتساعها
ويعمل على تقليصها
يا من شاركتم فى هذا : الأيدى التى تقدم الموت لا تصنع الحياة
عقابكم عند الله
وأدعو الله أن يتقبل صلاتنا التى كان بعضكم إمامنا فيها
ونحمد الله أننا لم نأتم بكم فى ضلالكم .
أما الأسرة فقد تفككت فى المدينة عنها فى القرية ,
ففى المدينة لا سيطرة للأب على أبنائه إلا من رحم ربى ,
وأصبح دور الأب شاغرا
ولا يقدم نموذج وقدوة للابن
والابن جامح طائح تشكله مجموعة الأصحاب كل حسب نصيبه
فلا تعليم لصلاة , ولا ضرب على تركها , ولا متابعة فى مدارس ,
ولا رقابة على سلوكيات
والأسباب مختلفة ؛ إما اقتصادية أو اجتماعية أو قهرية
وهكذا انتشر الخروج على القانون
ظاهرة تمت برعاية النظام السابق
ولن يتم علاجها إلا بعد استقرار الوضع السياسى والأمنى فى مصر
فإذا كان الابن يجر على أسرته الويلات فى المدينة ,
فإنه فى القرية طوع أهله
بل يطيع الابن أهله وهم على الخطأ حتى لا يخرج عن طوعهم
حتى ولو كانت هذه الطاعة خارج قناعاته ومعتقداته
فإذا ما خير بين معتقداته وعائلته سيختار العائلة
فلا مانع من حمل السلاح الآلى مع العائلة رغم انه ضد القتل
ولكن غضب الرب أهون من غضب العائلة فى معادلته .
وأخيرا الفشل الكبير لمنظومة التعليم
أيها الأخوة المعلمون الذين ملأوا الدنيا صراخا من أجل زيادة الأجور
وأنا منكم وأولكم :
هل أنتم راضون عن جهودكم فى مدارسكم ؟
هل أحدثتم استنارة فى عقول تلاميذكم ؟
هل حاربتم فقر العقول , وضحالة التفكير ؟
هل ساهمتم فى تقليل التسرب , وتنمية الموهبة ؟
هل أنرتم الطريق لتلاميذكم ؟
وإذا كنا فعلنا فأين النتيجة ؟ وأين الحصاد ؟
فالعصبيات انتصرت على التعليم ونجحت فى جعل الطفل والشاب
نسخة طبق الأصل من الأب والجد , لا تعرف إلا التعصب ,
فلا أثر للتعليم ولا للتنوير , ولا تفرق بين الكبير والصغير إلا بملامح الجسد ,
فاللغة واحدة والعقلية واحدة والسلوك واحد , عليه العوض فى السنين .
هى دوائر الفشل المتلاحمة التى سدت الطريق لآفق أرحب لهذا الإقليم
فإذا أخذنا الكبر أن ننكر دورنا فى الفشل
فانتظروا فشلا أكبر
وإذا واجهنا واقعنا وعملنا على الإصلاح الجذرى فى صلب قوائم ودعائم مجتمعنا , نكون بدأنا الخطوة الأوسع فى طريق أراه حتمى لا رجعة عنه إذا أردنا لأولادنا الحياة .