ولأننا نحنّ حنينا
دائما إلى الماضى , ونقيس الحاضر عليه , نجد أنفسنا كثيرا ما نردد (كان زمان .... وكان
..... ) .
فالماضى يمثل للعجوز
صباه وشبابه وقوته , ويمثل للسيدة شبابها وجمالها , ويمثل للفقير رغد العيش حيث
كان التعامل بالقرش القادر على شراء الاحتياجات , ويمثل للمديون خلو البال من الهم
, ويمثل للجميع منبعا للقيم واحترام الكبير ومهابة الجد والأب والعم والأخ الأكبر .
ولا أخفى عليكم أن فى
هذا الماضى المفعم بالمشاعر الدافئة كان كباره يستنكرون واقعهم ويقولون هم أيضا (زمان
كان .... وكان ..... ) .
فهذا حال الإنسان فى كل
زمان , يرى فى الماضى أجمل ما فيه , ويرى فى الحاضر أسوأ ما فيه , ويبقى الإنسان
طوال حياته أسير ماضيه وتجاربه السابقة التى قد تعوقه عن معايشة حاضره أو البعد عن
الو ئام معه , فعندما يتحسر على الحاضر بمقارنته بالماضى , فإنه قد تحرر من قيود
الماضى وتجردت أمامه خلاصة التجربة دون تفاصيل , بينما يعيش الحاضر وهو واقع تحت
تأثير ضغوطه ومتطلباته , فيهرب من ضيق الحاضر إلى رحابة الماضى , من عالم
الالتزامات المادية والاجتماعية إلى عالم انقضت التزاماته , فيعبر عن عجبه من
واقعه ورفضه لمجرياته وإنكاره لشخصياته ويطلقها بهدوء... كان زماااااااااااااان .