رغم اقتناعى الكامل بأن العلاقات مع إيران ورقة
سياسية لمواجهة ضغوط عرب الخليج على الثورة المصرية من ناحية , ورسالة لإسرائيل
وأمريكا بإمكانية توحيد المنطقة ضد النفوذ الغربى , والتمهيد لتحالف إسلامى لا
يقصى القوة الشيعية فى مواجهة قوة إسرائيل ,ووسيلة للدخول إلى العمق الإيرانى لمساعدة أهل السنة داخل إيران وفك عزلتهم , إلا أن الواقع يحول دون الاستمرار فى
استخدام هذه الورقة لأسباب:
1- فعاليات الثورة الثورية وضعت حاجزا نفسيا
وعمليا لرفض كل ما هو شيعى , وخاصة بعد مشاركة حزب الله اللبنانى ضد الثورة
السورية بعد أن كان له رصيد سياسى فى الشارع العربى عندما تصدى لإسرائيل فى 2008 .
2- عدم وجود ظهير سياسى يدعم رؤية الرئيس غير
حزب الحرية والعدالة والجماعة الإسلامية فى استخدام ورقة العلاقات مع إيران , فرغم
أن التيار اليسارى الناصرى (الشعبى ) يسعى
لعلاقات كاملة مع إيران إلا أنه لم يناصر الرئيس فى مسعاه لأن هذا التيار سيعارض
الرئيس فى كل ما سيقدمه , واكتفى بالصمت وكأن القضية لا تعنيه , وكفى بالرئيس أنهم
لم يهاجموه على هذه الخطوة .
3- رؤية حزب النور لهذه القضية كخطر عقيدى , مما
جعلها عرضة للمزايدة , وخاصة أنها جاءت فى وقت يطل فيه حزب النور كخصم سياسى
للحرية والعدالة والرئيس ولبعض الأحزاب الإسلامية , بل باتت الأحزاب اليسارية
والعلمانية تستقوى بآرائه وتصريحاته ضد الرئيس فى الآونة الأخيرة بعد أن كان حزب
النور ركن أساسى لوصول محمد مرسى للحكم فى الجولة الثانية من الإنتخابات , وشريكا
للحرية والعدالة فى صدور الدستور , وهذا طبيعى فحزب النور ولد ليكون منافسا سياسىا
للحرية والعدالة وليس مواليا , وربما يصب هذا فى مصلحة الحزبين , فالحرية والعدالة
أيضا سيتخلص من توجهات ورؤى بعيدة عن سياسته .
4- الواقع المصرى واقع صعب , ينصب جهده على تعويض فترة الحرمان التى عاشها طوال العقود الماضية , ولا ينتبه أنه شعب عظيم مقدر له أن يقوم بمهمات عظيمة فى منطقته , ولكن واقع الحال يطالب بالعيش والحرية والكرامة , وكلها كانت مفقودة , ونسى الجميع دور مصر الذى يجب أن يقدم على أى مطالب .
ولأجل ذلك , يجب التراجع عن تطوير العلاقات مع إيران فضررها الآن أخطر من نفعها مستقبلا , ومحاولة لرأب الصدع الداخلى , والتقليل من تأجيج المشاعر الدينية , ولا ينتظر أبدا أن يرضى من يرفض هذه العلاقات عن من سيوقفها , ولا ينتظر أن يظل الصامت عنها صامتا , ولكن الكأس مريرة ولابد من تجرعها .