فى الآونة الأخيرة أعتاد بعض من فى نفسه شىء وبعض من ليس فى نفسه شىء, سواء كان كرديا أم أمازيغيا أم أرمنياً أم فارسياً أم زنجياً أم تركمانيا.... , على التهجم على جامعة الدول العربية, صابا جام غضبه على عجزها وقلة حيلتها, مطالبا بفكها وتسريح من فيها , ظنا منه أنه بهذا يناصر قضايا المنطقة التى عجزت الجامعة عن حلها , وكأن تفكيك الجامعة سيؤدى إلى حل هذه المشاكل .
ودأبوا على الإساءة للعرب وللعروبة , متهمين إياهم بالتفريط فى قضايا الأمة الإسلامية , وأنهم ارتموا فى أحضان أعدائهم , وأنهم أصبحوا عارا على الأمة الإسلامية , وخير لهم أن يموتوا بعد أن أصبح عيشهم ذلاً .
وبات مصطلح القومية العربية موضع تندر وسخرية عندهم , وكأنه اسم لأحد آلهة العرب قبل الإسلام وقد صار أطلالاً , وأثراً بعد عين .
وهم أثناء هذه الاتهامات لايخفون شعورهم بالفوقية والتعالى على العرب الذين دأبوا طوال تاريخهم على التفاخر بجذر شجرة الدين , واليوم أصبح العرب فى منحدر حضارى , ولا يستطيعون مدافعة من يحاججهم , ولذا فالفرصة قد سنحت لكل من يستطيع أن يحمل معولا ليهدم حجرا فى هذا البناء .
ولهم أقول :
إخوانى الأعزاء لا ترددوا كلمات أعداءكم الذين يأسوا من هزيمتكم فقرروا أن يجعلوا بأسكم بينكم , وتذكروا قول الله تعالى " إن المؤمنين إخوة " وقوله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعاً " , واعلموا جميعا يا أمة الإسلام " إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم " , " فلا فضل لعربى على أعجمى إلا بالتقوى والعمل الصالح " فهذا هو مقياس المفاضلة : التقوى والعمل الصالح , وليس الجنس ولا القومية .
فالعربى الأول حمل هذا الدين وخرج به من شبه الجزيرة العربية لينشره فى كل أرجاء الدنيا , وسيلاقى ثوابه من الله تعالى وليس منا , وهو لا يجعل ذلك موضع فخر له بقدر ما يجعله موضع نعمة من الله تعالى إذ جعله فى هذا الموضع الجليل , موضع يستوجب منه الخضوع لله والشكر على هذه النعمة , وهو يعلم أيضا أن هذا العمل ليس موضع عصمة له من العذاب إذا خالف الدين , فكان حريصا على أداء الفروض والنوافل والسنن حتى أصبح مصدر هداية لمن حوله يقتدى به ويأتم به , وهذا ليس موضع فخر بل نعمة ينبغى أن يشكر الله عليها .
ولأن الإسلام لم يكن للعرب فقط , فقد جاء دور كل الأمم وشعوب الأرض لتدلى بدلوها , وتسهم فى قيام النهضة والحضارة الإسلامية بما حباها الله عز وجل من علم وعقل , فقد أراد الله تعالى أن يتقوى الإسلام بكل أصناف العقول البشرية , فهو دين البشرية جميعها , والذى يجب أن تتسع مظلته للجميع , وتنضوى كل الأمم والشعوب تحت لوائه دون أن تذوب أو تفقد هويتها , لأن هذا الهوية دافع ذاتى لاستمرار الدين نفسه , فالتنوع يحقق الكمال , ولك الحق أن تفخر بهذه الهوية ( كردية , أمازيغية , فارسية , أرمينية , تركمانية , زنجية .... ) ولكن دون استحقار لغيرك , لأنك إن تستحقر أذكرك بقول الله تعالى " ولا يسخر قوم من قوم .. " , فأنت حين تستحقر فإنك تستحقر وضعهم الحالى , وتتناسى أو تنكر وضعهم السابق, والأيام دول " تلك الأيام نداولها بين الناس " وهذا الاستحقار ليس إنصافا ولا عدلا , ولا يوجد من يخلو ماضيه أو حاضره من الذلات .
لسانك لا تذكر به عورة امرئٍِِِِِ فكلك عورات وللناس ألسن
لاتعيدوا زمن الشعوبية التى قطعت رحاها عرى الإسلام والمسلمين أثناء الدولة العباسية , حين راح الفرس وسائر العجم يناطحون العرب , ويحسدون عليهم نعمة الدين والملك , فتفاخروا عليهم وتعالوا عليهم وبخسوهم حقهم الذى أدوه لله تعالى ولدينه , فأساءوا لموضع نبتة النبى صلى الله عليه وسلم , ولم يراعوا كم أحب بلالاً الحبشى وصهيباً الرومى وسلمان الفارسى , وكم كان يقدرهم أصحابه صلى الله عليه وسلم لأنهم استوعبوا ما علمهم إياه قائدهم " لافضل لعربى على أعجمى إلا بالتقوى والعمل الصالح " وعلى هذا الدرب ساروا .
أخوتى فى الدين :" لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا ذلك أقرب للتقوى "
لا تجعلوا تصرفات الحكام اليوم تجرفكم إلى مستنقع الشعوبية , ونصير أحزاباً وجماعات وأقواماً وقوميات , لا تتسرعوا فى إطلاق الأحكام العامة , ولا تفتنكم ظواهر الأمور , فالبواطن أعمق , وأين هو الحاكم الذى يعبر عن شعبه اليوم حتى يكون تصرفه حجة على شعبه ؟ بل أين الشعب الذى يشعر أن حاكمه يعبر عنه ؟ فأفعال وأقوال الحكام لا تعبر إلا عنهم وعن بطانتهم والمنتفعين منهم , فلا تجعلوها مقياسا لإرادة الشعوب , فكم من شعوب ظلمت بقرار لحاكمها؟ وكم من شعوب شعرت بالخزى والعار لموقف من حاكمها ؟
أما عن الجامعة العربية المظلومة , فبالرغم من ضعفها وقلة حيلتها , إلا أنها عبء ثقيل على صدر أمريكا وإسرائيل , يحلمان أن يستيقظا يوما فلا يجدوا الجامعة العربية , لأنهما يعلمان أنّ هذه الجامعة على هزالها إلا أنها تتمكن من جمع هؤلاء القادة فى مكان وزمان واحد , ويناقشون قضاياهم , حتى ولو لم يحلوها , فربما ذهب الله بهم وأتى بمن يمكنه الحل , وهذا ما تخشاه أمريكا وإسرائيل , فالجامعة العربية رابطة صغيرة ضعيفة , ولكنها أفضل من لاشىء , فرابطة ضعيفة أفضل من لا رابطة .
وإذا كانت تسميتها بالعربية تمثل للبعض حساسية ما , فيجب عليه أن يعرف أن الاسم بعيد كل البعد عن العروبة كجنس , فالدول العربية اسمها دول عربية رغم أنها تضم أجناسا عرقية كثيرة غير العرب , ولعل هذا ما حدث قريبا فى العراق عندما أرادوا وضع الدستور بعد الاحتلال الأمريكى حيث وقف الأكراد رافضين تسميتها بدولة عربية على أساس أنها تضم عرب وأكراد وتركمان وسومريين ...
وحل هذه المعضلة بسيط جدا يكمن فى فهم مدلول جامعة الدول العربية أو مدلول دولة عربية , فهذه العروبة ليست جنسا , وإنما ثقافة , فالدول العربية سميت عربية ليس لأن كل سكانها عربا , وإنما لأنها يغلب عليها الثقافة العربية واللغة العربية ؛ لغة القرآن , فالعروبة ثقافة وليست جنسا عرقيا , فلو كان الأمر عرقيا لصارت كل دولة عربية عدة دويلات , وهذا مخطط اليهود .
وهذا المد العروبى إنما نشأ مع ثورة يوليو بقيادة جمال عبدالناصر الذى لم يرق له المد الإسلامى الذى ربما يهدد نظامه , فاتجه إلى المد العروبى , ولا يخفى علينا أن الجناح الغربى لهذا المد كان فى الجزائر بقيادة أحمد بن بلا وهوارى بومدين , وهما عرقيا ليسا عربا وإنما أمازيغا , ولكنهما كانا يفهمان معنى العروبة الصحيح , كثقافة مشتركة ولغة مشتركة وعقيدة مشتركة , فلم أصبحنا لا نطيق كل ما هو مشترك بيننا ؟ لم أغرمنا بتجزءة المجزأ , وتقسيم المقسم ؟ فى الوقت الذى نجحت أوربا فى إقامة وحدة أشبه بالخلافة الإسلامية قديماً , على الرغم من أنك يصعب أن تجد أكثر من دولتين فى أوربا لديهم مشترك كمشترك الدول العربية , إلا أنهم تولد ليهم مشترك صناعى اسمه " قوة التكتل الموضوعى " , ليتنا يمكننا أن نضيفه إلى قائمة المشترك لدينا قبل أن تنقرض هذه القائمة .
ودأبوا على الإساءة للعرب وللعروبة , متهمين إياهم بالتفريط فى قضايا الأمة الإسلامية , وأنهم ارتموا فى أحضان أعدائهم , وأنهم أصبحوا عارا على الأمة الإسلامية , وخير لهم أن يموتوا بعد أن أصبح عيشهم ذلاً .
وبات مصطلح القومية العربية موضع تندر وسخرية عندهم , وكأنه اسم لأحد آلهة العرب قبل الإسلام وقد صار أطلالاً , وأثراً بعد عين .
وهم أثناء هذه الاتهامات لايخفون شعورهم بالفوقية والتعالى على العرب الذين دأبوا طوال تاريخهم على التفاخر بجذر شجرة الدين , واليوم أصبح العرب فى منحدر حضارى , ولا يستطيعون مدافعة من يحاججهم , ولذا فالفرصة قد سنحت لكل من يستطيع أن يحمل معولا ليهدم حجرا فى هذا البناء .
ولهم أقول :
إخوانى الأعزاء لا ترددوا كلمات أعداءكم الذين يأسوا من هزيمتكم فقرروا أن يجعلوا بأسكم بينكم , وتذكروا قول الله تعالى " إن المؤمنين إخوة " وقوله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعاً " , واعلموا جميعا يا أمة الإسلام " إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم " , " فلا فضل لعربى على أعجمى إلا بالتقوى والعمل الصالح " فهذا هو مقياس المفاضلة : التقوى والعمل الصالح , وليس الجنس ولا القومية .
فالعربى الأول حمل هذا الدين وخرج به من شبه الجزيرة العربية لينشره فى كل أرجاء الدنيا , وسيلاقى ثوابه من الله تعالى وليس منا , وهو لا يجعل ذلك موضع فخر له بقدر ما يجعله موضع نعمة من الله تعالى إذ جعله فى هذا الموضع الجليل , موضع يستوجب منه الخضوع لله والشكر على هذه النعمة , وهو يعلم أيضا أن هذا العمل ليس موضع عصمة له من العذاب إذا خالف الدين , فكان حريصا على أداء الفروض والنوافل والسنن حتى أصبح مصدر هداية لمن حوله يقتدى به ويأتم به , وهذا ليس موضع فخر بل نعمة ينبغى أن يشكر الله عليها .
ولأن الإسلام لم يكن للعرب فقط , فقد جاء دور كل الأمم وشعوب الأرض لتدلى بدلوها , وتسهم فى قيام النهضة والحضارة الإسلامية بما حباها الله عز وجل من علم وعقل , فقد أراد الله تعالى أن يتقوى الإسلام بكل أصناف العقول البشرية , فهو دين البشرية جميعها , والذى يجب أن تتسع مظلته للجميع , وتنضوى كل الأمم والشعوب تحت لوائه دون أن تذوب أو تفقد هويتها , لأن هذا الهوية دافع ذاتى لاستمرار الدين نفسه , فالتنوع يحقق الكمال , ولك الحق أن تفخر بهذه الهوية ( كردية , أمازيغية , فارسية , أرمينية , تركمانية , زنجية .... ) ولكن دون استحقار لغيرك , لأنك إن تستحقر أذكرك بقول الله تعالى " ولا يسخر قوم من قوم .. " , فأنت حين تستحقر فإنك تستحقر وضعهم الحالى , وتتناسى أو تنكر وضعهم السابق, والأيام دول " تلك الأيام نداولها بين الناس " وهذا الاستحقار ليس إنصافا ولا عدلا , ولا يوجد من يخلو ماضيه أو حاضره من الذلات .
لسانك لا تذكر به عورة امرئٍِِِِِ فكلك عورات وللناس ألسن
لاتعيدوا زمن الشعوبية التى قطعت رحاها عرى الإسلام والمسلمين أثناء الدولة العباسية , حين راح الفرس وسائر العجم يناطحون العرب , ويحسدون عليهم نعمة الدين والملك , فتفاخروا عليهم وتعالوا عليهم وبخسوهم حقهم الذى أدوه لله تعالى ولدينه , فأساءوا لموضع نبتة النبى صلى الله عليه وسلم , ولم يراعوا كم أحب بلالاً الحبشى وصهيباً الرومى وسلمان الفارسى , وكم كان يقدرهم أصحابه صلى الله عليه وسلم لأنهم استوعبوا ما علمهم إياه قائدهم " لافضل لعربى على أعجمى إلا بالتقوى والعمل الصالح " وعلى هذا الدرب ساروا .
أخوتى فى الدين :" لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا ذلك أقرب للتقوى "
لا تجعلوا تصرفات الحكام اليوم تجرفكم إلى مستنقع الشعوبية , ونصير أحزاباً وجماعات وأقواماً وقوميات , لا تتسرعوا فى إطلاق الأحكام العامة , ولا تفتنكم ظواهر الأمور , فالبواطن أعمق , وأين هو الحاكم الذى يعبر عن شعبه اليوم حتى يكون تصرفه حجة على شعبه ؟ بل أين الشعب الذى يشعر أن حاكمه يعبر عنه ؟ فأفعال وأقوال الحكام لا تعبر إلا عنهم وعن بطانتهم والمنتفعين منهم , فلا تجعلوها مقياسا لإرادة الشعوب , فكم من شعوب ظلمت بقرار لحاكمها؟ وكم من شعوب شعرت بالخزى والعار لموقف من حاكمها ؟
أما عن الجامعة العربية المظلومة , فبالرغم من ضعفها وقلة حيلتها , إلا أنها عبء ثقيل على صدر أمريكا وإسرائيل , يحلمان أن يستيقظا يوما فلا يجدوا الجامعة العربية , لأنهما يعلمان أنّ هذه الجامعة على هزالها إلا أنها تتمكن من جمع هؤلاء القادة فى مكان وزمان واحد , ويناقشون قضاياهم , حتى ولو لم يحلوها , فربما ذهب الله بهم وأتى بمن يمكنه الحل , وهذا ما تخشاه أمريكا وإسرائيل , فالجامعة العربية رابطة صغيرة ضعيفة , ولكنها أفضل من لاشىء , فرابطة ضعيفة أفضل من لا رابطة .
وإذا كانت تسميتها بالعربية تمثل للبعض حساسية ما , فيجب عليه أن يعرف أن الاسم بعيد كل البعد عن العروبة كجنس , فالدول العربية اسمها دول عربية رغم أنها تضم أجناسا عرقية كثيرة غير العرب , ولعل هذا ما حدث قريبا فى العراق عندما أرادوا وضع الدستور بعد الاحتلال الأمريكى حيث وقف الأكراد رافضين تسميتها بدولة عربية على أساس أنها تضم عرب وأكراد وتركمان وسومريين ...
وحل هذه المعضلة بسيط جدا يكمن فى فهم مدلول جامعة الدول العربية أو مدلول دولة عربية , فهذه العروبة ليست جنسا , وإنما ثقافة , فالدول العربية سميت عربية ليس لأن كل سكانها عربا , وإنما لأنها يغلب عليها الثقافة العربية واللغة العربية ؛ لغة القرآن , فالعروبة ثقافة وليست جنسا عرقيا , فلو كان الأمر عرقيا لصارت كل دولة عربية عدة دويلات , وهذا مخطط اليهود .
وهذا المد العروبى إنما نشأ مع ثورة يوليو بقيادة جمال عبدالناصر الذى لم يرق له المد الإسلامى الذى ربما يهدد نظامه , فاتجه إلى المد العروبى , ولا يخفى علينا أن الجناح الغربى لهذا المد كان فى الجزائر بقيادة أحمد بن بلا وهوارى بومدين , وهما عرقيا ليسا عربا وإنما أمازيغا , ولكنهما كانا يفهمان معنى العروبة الصحيح , كثقافة مشتركة ولغة مشتركة وعقيدة مشتركة , فلم أصبحنا لا نطيق كل ما هو مشترك بيننا ؟ لم أغرمنا بتجزءة المجزأ , وتقسيم المقسم ؟ فى الوقت الذى نجحت أوربا فى إقامة وحدة أشبه بالخلافة الإسلامية قديماً , على الرغم من أنك يصعب أن تجد أكثر من دولتين فى أوربا لديهم مشترك كمشترك الدول العربية , إلا أنهم تولد ليهم مشترك صناعى اسمه " قوة التكتل الموضوعى " , ليتنا يمكننا أن نضيفه إلى قائمة المشترك لدينا قبل أن تنقرض هذه القائمة .