الأربعاء، 14 مارس 2012

الندوة العلمية الرابعة عشرة لقسم أصول التربية بكلية التربية بكفر الشيخ

-->
شرفت اليوم الأربعاء 13 مارس 2012م بحضور 
( الندوة العلمية الرابعة عشرة لقسم أصول التربية بكلية التربية بكفر الشيخ )
 وكانت بعنوان ( مستقبل التغيير التربوى ) .

بدأت الندوة بعزف السلام الوطنى , ثم تلاوة آيات من القرآن الكريم
 للقارئ / محمد السعيد عامر ,
 ثم الوقوف دقيقة حداد وقراءة الفاتحة على شهداء ثورة 25 يناير , 
ثم الترحيب بالحضور
و بضيف الندوة الدكتور محمد عمارة 
ابن كفر الشيخ ,وأحد المفكرين الإسلاميين البارزين ,
وهو من مواليد عام 1931م , بدأ تعليمه بالكتاب وحفظ القرآن ,
 وواصل دراسته بالمدارس الأزهرية , ثم كلية دار العلوم , 
وله مؤلفات كثيرة عن المعتزلة  وابن رشد , 
وله فضل فى نشر مجموعة من الاعمال الكاملة لرفاعة الطهطاوى 
وعلى مبارك وعبد الرحمن الكواكبى  ومحمد عبده , بالإضافة إلى كونه 
عضوا بمجمع البحوث الإسلامية .

-->

وبدأ الأستاذ الدكتور محمد عمارة كلمته بأن كلية التربية 
مكان للصناعة الثقيلة للإنسان الذى هو محور الرسالات السماوية ,
 وهو الهدف من مقاصد الشريعة الإسلامية , فالإنسان مهمته الأولى عمران
 هذا الكون , ودون صناعة تربوية للإنسان لا يمكن أن يحدث عمران لهذا الكون .

ففريضة القراءة والتكوين وصناعة العقل نزلت من السماء قبل فريضة العبادة , 
وذلك فى قوله تعالى :" اقرأ باسم ربك الذى خلق ".

وبدون علم وتعليم لا يصل الإنسان إلى التوحيد الذى هو جوهر الإسلام ,
 فالرسول – صلى الله عليه وسلم – عندما دخل المسجد فوجد حلقة للعلم 
وحلقة للذكر , فاختار حلقة العلم , وقال:" إنما خلقت معلما " .

والعلماء أكثر الناس خشية لله , فهم يكشفون عظمة الله تعالى فى الكون , 
والحضارة الإسلامية فى أساسها بنيت على العلم .

وفترة النبوة كانت ثلاثة وثلاثين عاما , منها ثلاثة عشر عاما فى مكة 
لصناعة الإنسان فى دار الأرقم بن أبى الأرقم ؛ 
المؤسسة الأولى للصناعة الثقيلة , صناعة الإنسان .

والروضة الشريفة تخرج منها الجيل الذى أقام الدين والدولة 
وغير مجرى التاريخ .

فصناعة الإنسان المعاصر صناعة كلية التربية , 
وعليها تقوم كل الصناعات والميادين  .

ولقد تعرضت بلادنا للغزو الفكرى بغرض مسخ هذه الأمة , 
فمثلا عقب حادث 11 سبتمبر 2001م , وبالتحديد يوم 16 سبتمبر 2001م   
وقبل بدء التحقيق فى الحادث , بدأ الرئيس الأمريكى جورج بوش بإعلان
 الحملات الصليبية , ومع بدء الغزو الأمريكى لأفغانستان يوم 6 أكتوبر 2001م
 قال توماس فريدمان : المعركة فى المدارس , وليس فى ميدان القتال فقط , 
نحن نريد كتبا دراسية تجعلهم يقبلون على حياتنا , وعلى فطائرنا .

فالعقل إذا أصبح تابعا للغرب أصبح مؤيدا للغرب , ولابد أن يصحب تحرير
 البلاد من الجيوش الغربية , تحرير للعقل من التبعية الغربية , 
وتحرير القانون من الغزو القانونى الغربى , نريد أن تتعانق المعارف 
والعلوم مع منظومة القيم الإسلامية , و صناعة الإنسان هى صناعتكم 
ومهمتكم أهل كلية التربية , وهذا ما يحقق كل أهداف الثورة .



وفى بداية كلمة الستاذ الدكتور حسن عبدالعال ذكر أنه فوجئ بالتكريم والثناء ,
 وأنه اجتهد فى حياته قد استطاعته فى مجاله,وشكر الحضور والقائمين على الندوة.

وعرض سيادته لأزمة الواقع التربوى المعاش , وكيفية الخروج منها , 
فالأمة تعانى من أزمات عديدة على كافة الأصعدة , والتعليم أم المشكلات ,
 لأنها مشكلة ولدت مشكلات عديدة .

إن أمتنا تعانى من التفكك , وجميع عوامل الوحدة التى كانت تميزنا 
قد طالها الآفات , وفشلت كل محاولات توحيد المة حتى الآن ,
 وهناك تعارض بين خطاب السلطة والجماهير , فالجماهير تبحث 
عن حياة مريحة وليبرالية لا نمارسها إلا فى السوق .

فما الإصلاح الاقتصادى سوى إجهاز لمقدرات الأمة وتسليمها للرأسمالية , 
والحداثة لا نمارسها إلا على السطح , والعلم لا نساهم فى صناعته , 
بل فى استهلاك منتجاته , ونعانى من وضع سياسى منقسم , 
ينعكس على الإنسان العربى الذى رفض الذات والآخر , 
وتبرم من كل ما هو قائم , ورفضه دون مناقشة , والدور الاقتصادى 
تقوم به الشركات العالمية وليس الحكومات , فالشركات تصنع الفكر
 عن طريق الفضائيات , والمجتمع المصرى عيشه كفاف , 
والأنظمة العربية لم تضمن الحياة الكريمة للشعوب حيث ظهرت الأكواخ 
والعشوائيات , وأصبح الوضع الاقتصادى متردى .

والفاحص للوضع الثقافى يجد به ظواهر مثل :

             - النزوع إلى الشكلانية للجمود والتطرف الفكرى . 
-   نزوع استهلاكى شديد العمق .

-   تغريب الإنسان فى مجتمعه .



والواقع التربوى يعانى من مشكلات نعايشها منها :

- افتقاد سياسة تعليمية رشيدة تبين له معالم طريقه ومستقبله ,
 حيث أصبح حقل تجارب للرؤى المختلفة .

- انفصال البحث التربوى عن العملية التعليمية , فحجرة الدراسة التقليدية , 
ووضع التلاميذ التقليدى , وشكل السبورة التقليدى ما زال هو السائد ,
 فى حين بدأ العالم بالذاكرة الإلكترونية , ونهاية الكتاب الورقى , 
والمعلم التقليدى , والفصل التقليدى , ولكننا لم نتغير حتى الآن , 
وإذا كنا فى الماضى نتمسك بقول الشاعر : خير جليس فى الزمان كتاب , 
فإننا اليوم نجد أن خير جليس فى الزمان جهاز كمبيوتر .   

وكيف نأمل أن نعلم الناس كيف نعرف وليس ماذا نعرف , ومازال دور 
المعلم الآن قائم على سكب الحقائق والمعلومات فى عقل التلميذ , 
نريد أن يكون التعليم كيفية الاتصال بمصادر المعرفة , 
ولكن كيف والمحتوى الذى نقدمه هالك ومتقادم .

فتعليمنا الحالى يرسخ قيمة هى مرض أصاب الإنسان العربى
 وهو الطاعة  المذعنة , وكذلك يرسخها الرصيد العربى ؛ 
فالتلميذ مستعد لحفظ كل ما يقال له دون فهم , ولا مناقشة ,
 وللأسف  يرسخ لذلك المدرسة بكل مراحلها ثم الجامعة عبر السنين , 
وينبغى علينا أن نغادر ما عودنا عليه آباؤنا ؛ فالطاعة المذعنة 
جعلت الديكتاتور يحكم  ثلاثين سنة , حتى قامت الثورة , 
الطاعة المذعنة يحبها الديكتاتور ؛ لأنها تخلق من الإنسان إنسانا 
مذعنا يجيد حنى الرأس , بينما التمرد قيمة تدعو للإبداع , 
والتمرد سبيل الخلاص من الجمود والتخلف .



ولا شك أن التعليم أسهم بفاعلية فى أزمة العقل العربى , فمازال الناس 
يقرأون كل صباح ( حظك اليوم ) ويتشاءمون من الرقم 13 والبومة .

فالعقل العربى يميل إلى السلبيات , وحفظ المعرفة دون التفكير فيها ,
 فالمعرفة تتطلب استيعاب ثم توظيف , فبلا شك أزمة العقل العربى 
تشير إلى التعليم , فالمدارس تقتل بذور الإبداع ولا تنميها .

والداء العضال فى هذه المشكلة هو غياب الفلسفة التربوية , وحسب تصورى الشخصى يجب أن تقوم هذه الفلسفة على تساؤلات : 
أى إنسان نريد وأى مجتمع نريد من التعليم ؟ 

ففلسفة التربية التى تصلح التعليم جزء من الفلسفة العامة للمجتمع , 
وهذا نفقده لغياب الرؤية الحضارية والمجتمعية , 
فنظامنا نقل واستنساخ لنظم أجنبية , وتحولت الجامعات
 إلى امتداد للمدرسة الثانوية , وتخريج أنصاف المتعلمين 
الذين يمارسون عملا ليس ذا قيمة فى حياتهم .



والفلسفة التربوية التى أراها تقوم على :

1- التراث العربى الإسلامى مقوم أساسى لفلسفة التربية , 
وهو تراث له ثلاث علاقات بالإنسان العربى المعاصر :

أ- الإسلام هو الوجه الحقيقى للتراث .

ب- علاقة قومية العرب الذين حملوا رسالة الإسلام .

ج- علاقة إنسانية, فالتراث العربى إنسانى يتفاعل معه الوحى ,
 وهو أهم ما فى تراثنا الإسلامى .

2- الوضع العربى , الذى يثبت أن هناك تخلف واغتراب عربى ,
 وفلسفة التربية تسعى لعلاجه .

3- الواقع العالمى , حيث ننقده بفحص , ونقبل منه ما يصلح , 
ونرفض ما لا يتفق مع أصولنا .

4- استشراف المستقبل العربى .



وهناك سيناريوهات مستقبلية ثلاثة :

1-    أن نكون أصحاب مشكلات تنذر باستمرار التخلف ,
 وتؤدى إلى الانقسام والتفتت .

2-    سيناريو إصلاحى , حيث إدراك لضخامة المشكلة التى نعيشها ,
 ونعد العدة لإصلاح شامل , وإعداد طاقات لتجاوز الأزمة .

3-    سيناريو ثورى راديكالى , يؤمن بالاحتياج لثورة , 
وقد حدثت الثورة , ولابد أن نغير الوضع الاقتصادى , وعقول الناس .



وليتحقق المستقبل المأمول هناك أبعاد :

البعد الأول : تحقيق الديمقراطية فى العالم العربى .

البعد الثانى : تعاون عربى .

البعد الثالث : وجود دولة قَطرية مركزية تدعو للوحدة .
ويظل التعليم عاملا أساسيا فعال فى كل هذا .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق