السبت، 12 يناير 2013

دولة الخلافة والاتحاد الأوربى

خطأ فادح أن يعتمد البعض على الدراما والأفلام السينمائية للتعرف على 
الحقائق التاريخية , والخطأ الأكبر أن يستحضر التاريخ للواقع دون 
مراعاة المستجدات والأبعاد الاجتماعية والسياسية المستجدة  .
وعلى سبيل المثال نجد التندر من البعض على فكرة الخلافة , 
ووصل الأمر من البعض أن سماها دولة الهيافة بدلا من دولة الخلافة ,
 والبعض صور الأمر على أن الحملات والفتوحات ستخرج لضم الدول لدولة الخلاف,
وسيجلس الخليفة على عرشه ومن خلفه حملة الهوايات
وعن يمينه الوزراء وعن يساره السفراء وبين يديه الرقص والموسيقى.  
والحقيقة أنها عقول قاصرة تريد أن تشوه الفكرة لغرض فى نفسها ؛
إما كراهة لها أو لمصلحة فى عدم وجودها .
فإذا راجعت دولة الخلافة تاريخيا تجد أنها كانت حكومة مركزية لأقاليم 
تامة تتظلل بدولة الخلافة وتحتمى بمجالها الحيوى , 
وهذا ما يحدث الآن فى الاتحاد الأوربى ,
 فكل الدول مستقلة ذات سيادة تكاتفت وتكتلت فى منظومة موحدة ,
 وحدت العملة وأزالت القوانين المتضادة , وأنشأت برلمان أوربى مشترك ,
 ألغت تأشيرة المرور بين دولها , تحاول توحيد السياسة الخارجية 
وسياسة الدفاع المشترك , ومؤازرة الدول المتعثرة اقتصاديا , 
وتوحيد اتفاقيات الصيد والطيران والزراعة ............... .
أليس هذا ما يعرف عندنا بدولة الخلافة ؟
أيا من تشوه الفكرة كراهة لطالبها رغم صلاحها , 
أسنا اولى بدولة الخلافة من الاتحاد الأوربى ؟ 
لن تخرج جيوش لفرضها على أحد بل سيأتى لها الجميع رغبة فى الفائدة ,
 فشعوب الأرض تتكتل وليس من المنطق أن نظل نتراسل ونحن جيران , 
ليس من المنطق أن أصدّر ما يحتاج إليه أقرب الأقربين ,
 ليس من المنطق أن أشترى من الغرب بضاعة  يعرضها جارى المسلم .
فدولة الخلافة ليست قصرا على المفهوم الدينى فقط بل هى منذ نشأتها 
كانت دولة اقتصاد وتجارة وسياسة وثقافة وحضارة وعلم .
وما يؤلم حقيقى أن نتكلم عن نتكلم عن دولة الخلافة وكأنها العصر الحجرى 
والجمود الفكرى والتخلف والرجعية , فى نفس الوقت الذى تطبق فيه أوربا 
نموذج دولة الخلافة الإسلامية ولكن بدون رأس ظاهر حتى لا تثير 
نعرة الشعوب والجناس الأوربية , وما أسهل أن يطبق هذا فى بلادنا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق