الثلاثاء، 19 مارس 2013

الغرب المؤمن



خدعونا عندما أقنعونا أن الغرب ملحد ولادينى وعلمانى , وهو فى الحقيقة غارق فى الفكرة الدينية وتسيطر على كل توجهاته , انظروا إلى أسماء الأحزاب الحاكمة فى أوربا , تأملوا أفكار المحافظين الجدد فى أمريكا , لقد خدعونا عندما صدروا إلينا اليسارية والشيوعية والإشتراكية الغربية والعلمانية والليبرالية على أنها المفاهيم السائدة فى العالم والتى تقود إلى التقدم والارتقاء , إنما هى أدواتهم للسيطرة على شعوب الأرض , ساقوها إلينا وهم غارقون فى اليمينية الدينية الموجهة لكل سياساتهم منذ الحروب الصليبية مرورا برعاية الصهيونية فى فلسطين انتهاءا بحروب افغانستان والعراق ومواجهة ثورات الربيع العربى .
فالحكومات الغربية شبابها يشرب ويلهو وينتشى ولكن الحكومات لا تسكر ولا يغيب عقلها عن أهدافها الدينية . 
هل نسينا هدفهم فى تحرير قبر المسيح فى الحملات الصليبية ؟
هل نسينا ماذا قال لورد ألنبى أمام قبر صلاح الدين بعد أن احتل القدس؟
هل نسينا ماذا قال جورج بوش الابن عن احتلاله لأفغانستان؟
وهل نسينا قصة الصهيونية وعلاقتها بالبروتستانتية ؟
وهذه القصة تستحق أن نقف عندها قليلا , فالصهيونية ارتكزت على المسيحية أكثر من اليهودية عندما زرعت أفكارها فى البروتستانت وجاءت تحصد زرعها فى أوربا وخاصة إنجلترا على يد الأوساط التجارية البروتستانتية التى تبنت صيغة صهيونية أضفت عليها ديباجات مسيحية وسلمتها بدورها للأوساط الاستعمارية الغربية التى استخدمت ديباجات علمانية نفعية فتحولت إلى الصهيونية الشاملة والتى اكتشفها يهود شرق أوربا خلال كتابات الصهاينة غير اليهود الذين كان لهم أعمق الأثر , ولجأوا إلى الاستعمار الغربى ليساعدهم على تحويل الفكرة إلى مشروع , وتم الاتفاق الصامت بينهما تعهدت فيه الصهيونية بنقل الفائض اليهودى إلى فلسطين.
فقد نشأت الفكرة الصهيونية من جديد فى أحضان البروتستانتية إذ تم تهويد الكنائس البروتستانتية وخاصة الكلفانية والبيوريتانية اللتان آمنتا بتفسير وضعى للنبوءات التوراتية أو التلمودية وخاصة نبوءة عودة المسيح فوق أرض صهيون ليخلص المؤمنين من الخطيئة والعذاب وحتى تتحقق النبوءة لابد من إعادة اليهود إلى مملكة داود , فتم غرس المسيحية الصهيونية فى التربة الثقافية والأيديولوجية المهيمنة على المسيطرين على أمريكا منذ البداية , وتوحدت الرؤية التبشيرية للدولة الأمريكية مع فكرة إسرائيل التى لقيت دعماً هائلاً فى إنجلترا بعد تحولها إلى البروتستانتية , ولكن التحالف الدينى والسياسى الكامل بين البروتستانتية والصهيونية تحقق فى أمريكا حيث التشابه فى النشأة والتكوين وخاصة التشابه البنائى فى الدور الريادى للمهاجرين الأوائل فى استعمار فلسطين وأمريكا وعلاقتهما بالسكان الأصليين.

إن الديانة اليهودية والدراسات العبرية دخلت فى تشكيل الثقافة الأوربية المسيحية ووجهت الرأى العام نحو تبنى التصور الصهيونى حول فلسطين, وكل هذا أدى إلى قبول التفسير اليهودى للعهد القديم وخاصة المتعلق بمستقبل استعادة اليهود لفلسطين ,وقبول التفسير بارتباط زمن نهاية العالم بعودة المسيح الثانية والمقدمة هى عودة اليهود لفلسطين , بينما الجماعات المعادية للصهيونية ترفض تصفية المنفى لأن هذا استعجال للنهاية التى ينبغى أن تتم على يد المسيح المخلص , وبعض القوى الدينية المسيحية مازالت تعتبر قيام إسرائيل مخالفة دينية لفكرة مقدم المسيح المخلص.
أى أن مساعدة الغرب البروتستانتى الإنجليزى والأمريكى لإسرائيل ليس هدفه حماية المصالح الغربية فى المنطقة كما يدعون ولكن لتهيئة شروط عودة السيد المسيح الثانية إلى الإرض للخلاص وحكم الأرض ألف عام يحقق فيها العدل , ومن هذه الشروط عودة اليهود لفلسطين وإحياء مملكة داود مرة ثانية .
هل مازلت معتقد بأن العالم الغربى ملحد وعلمانى؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق