الخميس، 10 مارس 2011

خايف على مصر

لأول مرة نعيش هذه التجربة ؛ تجربة أن تكون حرا بلا حدود ,
حرا لدرجة أنه يمكنك فعل أى شىء بلا حساب , فلا يوجد رقيب أو شرطة أو قانون ,
أو حساب من أى نوع , وكم كان الأمر ثقيلا أن يكون الإنسان ضميره فقط هو حاكمه ,
فكل شىء مباح طالما كان ضميرك يسمح , وكم كان قاسيا علينا أن نكون فى مواجهة النفس الأمارة بالسوء

وكان هذا الاختبار الحقيقى الذى واجهته الثورة المصرية التى قامت فى 25 يناير , وهذا هو سبب خوفى على مصر , فعندما قامت الثورة التونسية ورحل ابن على قلت أنى خائف من سرقة حمرة علم تونس ,
ولكن الآن وبعد رحيل مبارك من مصر أقول أنى خائف على مصر ,
مصر التى قدم أبناءها تضحيات عظيمة , ولكن الأيدى الخبيثة تريد لها السوء ,
وتلعب على مشاعر الناس , وتثير فيهم نوازع ذاتية , ومشاعر نفعية انتهازية ,
وأخيرا تلعب على أوتار الفتنة الطائفية البغيضة .

خايف على مصر من نفسى عندما أجلس منفردا , ويخيل لى شيطانى إمكانية استفادتى الشخصية من الثورة ,
ويقول لى أن يمكن أن اخرج إلى الناس فى ثوب مصلح اجتماعى وشخصية ثورية كانت من الذين دعوا إلى الثورة , معددا كم التضحيات التى بذلتها من أجل مصر أمى الحبيبة ।
ويقول لى شيطانى أننى يمكن أن أخرج للناس فى صورة الشخص الذى يؤمن بضورة نسف المجتمع القديم وإنشاء مجتمع جديد , أكون أنا واجهة من واجهاته , وأقدم نفسى على أنى شخصية ثورية تضغط على كل المؤسسات لتستجيب إلى آرائى
أو يقول لى شيطانى أننى يمكن أن أركب الموجة القادمة وأضغط على الحكومة الناشئة لزيادة المرتب أو تخفيض ساعات العمل , أو زيادة بدل المعاش أو غيره من أنواع الاستفادات من هشاشة الوضع فى البلاد
أو يدفعنى شيطانى إلى الاستيلاء على أرض الدولة , أو ابنى بيت مخالف , أو أرفع عداد الكهرباء أو عداد المياه أو عداد الغاز
أو يقول لى شيطانى ما أربح تجارة المخدرات فى حالة غياب الشرطة .
خايف على مصر من نفسى
وخايف على نفسى من رغباتى

أول مرة أعرف قيمة القانون , وأول مرة أعرف قيمة السلطان ,
أول مرة أعرف قيمة أن تكون محكوما , فأنا أريد أن أكون محكوما , وأريد تفعيل القانون ,
وأريد وجود سلطان القانون , فأنا لا أستطيع الحياة فى الغابة

خايف على مصر من ولادها , خايف على مصر من نبتها , خايف من هشهم الذباب بالحجارة من على وجه مصر , خايف على مصر
خايف عليها من نوازع النفس الضعيفة , وتجار الأزمات , وأهل المؤامرات
ليتنا نوقف سيل المطالب الفردية والفئوية وننظر إلى مصلحة مصر , ندع البلاد تتقوى ثم نطالب بهذه المطالب , الحكومة الحالية ليست من ظلمنا , ولكن من ظلمنا ذهب ومضى ولن يعود , نريد فرصة لالتقاط الأنفاس , رفقا بمصرنا يا أهل مصر , ويعز على أن أقول أنى خائف ولكنها الحقيقة أنى خائف على مصر ولكنى على يقين أن مصير مصير بيد الله , حماك الله يا مصر

هناك تعليق واحد:

  1. احساس الخوف على مصر تمكن من قلوبنا جميعا ، وها نحن نجنى اشواك خوفنا

    ردحذف